هذه الليلة لا تشبه الليالي التي مضت ..غريبة الملامح .. قمرها غائب ..
سودها كعمىِ الأبصارِ ..نجومها باهتة ..
سكونها مريب قاتل .. يبعث الرعب بأوصالِ من يقضي سويعاتها و ترتجف الأبدان خوفا من أصوات أوراق الأشجار ..المداعبة للرياح ..
تأملتها حتى اكتملت ملامحها..
فبدأت أمواج الفكر تتصارع على إجابات لاستفهامات حائرة ..
كيف و ماذا و متى و أين ..؟؟؟
كلهن يتصارع بحلبة الفكر ..مصارعة على إجابة شافية تاهت بدروب الحقائق ..
و قلب ملتحف رداء العزاء .. جالس بنظرةٍ تُخفي الكثير ..
بـ أول المقاعد بصالة تضج بمزيج أصوات الأنين و أصوات قهقات لا مبالية بما في نفوس الآخرين من آلم و ويلات ..
هذا القلب لا يهتم بمن سيفوز ..و من سينال بنهاية المطاف مقصده .. ؟؟
و بدأت الجولات بـــ أقاويل استفاهمية
قال :: كيف ..؟؟::
كيف كنا
عندما برقت العين بنظرة إعجاب متبادلة بليلةِ مصادفة وردية ..؟؟
و كيف صرنا
عندما رعدت الألسنة بنطق وداعا متبادلة بليلة كحلت بالسواد ..؟؟
قال :: أين ..؟؟
أين مساحة الإحساس التي جمعتنا بأرض العشق .. ؟؟
و حروف النون التي زرعت بجوانب الحدائق الزاهية ..و ارتشفنا رحيق ازهارها و كانت كـ الشهدِ
فـ تحولت إلى زهورِ الصبارِ المرير مذاقه.. ؟؟
قال :: متى ..؟؟
متى كان لقاءنا في ليلة صباحية يتقطر الندى على أوراق الحديث المتبادل بيننا .. فكان السقي لنبة عشق أزلية ..؟؟
و متى تبدلت الي وهمية ..؟؟
قال :: لماذا ...؟؟
لماذا كنت أنا و ليس أحدهن ...؟؟ لماذا اخترتني لبداية سعادة انتهت بحزن يسكن وسادتي ... ؟؟ و أرق يصاحب الجفون ..؟؟
و ابتلاع يصعب جريانه ..؟؟
،
،
و انتهت المصارعة دون مفازة أحد من الحاضرين ..
الكل يناظر بأعين الشك صوب القلب المغطى برداء العزاء ..بان لديه الإجابات و لكنه يصمت ..
فعلا معه ما يحيرهم .. و لكنه فضل الصمت و الخسارة أمام المتصارعين ..
على أن يبوح و يصرخ بألم لـ وجود سكين طاعنة بخاصرته .. زرعها ذاك العاشق الراحل عن دروب الأوفياء
إلى دروب الوجوه العابثة و المغطاة بغبار الرياء و النفاق..
و انتهى الضجيج و عاد سكون الليل يعم مسامع الآذان .
و القلب صامت رافع السبابة في صلاة التشهد الأخيرة ..
و كانت زفرة من أنفاسه بـ رغبة صادقة في وداعٍ مهيب لهذه الليلة دون تفاصيل..
دون نبش قبرٍ لازال ندي التربة.. فقط .. ترك بعض الأزهار .. على قبر كل استفهام و رحل ..